| 0 التعليقات ]

التدخلات التى تحدث فى القضاء

وكأنها المرة الأولى التى يتم فيها التدخل فى أعمال القضاء..وكأنها المرة الأولى التى تمتد فيها رقابة رؤساء المحاكم التى من المفروض أنها إدارية بحتة إلى صميم عمل القاضى..وكأنها المرة الأولى التى يتم فيها إنتزاع أوراق قضية من أمام قاضى لتوضع أمام قاضى آخر..وكأنها المرة الأولى التى تمتد فيها السياسة بكل وجهها القبيح إلى منصات القضاء لتكون هى الحكم وليس القاضى ..وكأنها المرة الأولى التى تسقط فيها الأقنعة عن الذين يكذبون بإسم القضاء ويظلمون يإسم العدالة ويحكمون نيابة عن السلطان..وكأنها المرة الأولى التى تختل فيها كفتى ميزان العدالة وتسقط العصابة من فوق عينيها ..وكأنها المرة الأولى التى تتلقى فيها منصات القضاء تعليمات عبر الهاتف أو غيرها من الوسائل..وكأنها المرة الأولى التى يصدر فيها قرار القاضى وحكم القاضى بحيثيات سياسية ..وكأنها المرة الأولى التى يطعن فيها ثوب العدالة و يُدمى فيها ثوب العدالة. لكنها قد تكون المرة الأولى التى يفصح فيها قاضى على منصة القضاء و فى جلسة علنية بأن ضغوطاً سياسية مُورست عليه من أجل التنحى عن نظر قضية وأنه تلقى أيضاً تعليمات بعدم مواصلة السير فيها..!! أقول وكأنها المرة الأولى لأن ذلك كان دوماً يحدث فى بعض القضايا التى تحمل خلفية سياسية ..أقول وكأنها المرة الأولى لأن ذلك كان يحدث دوماً فى ظل نظام المخلوع حسنى مبارك ..كانوا يكذبون على الناس عندما كانوا يتشدقون بإستقلال القضاء وكان البعض منّا يكذب على نفسه وهو يدافع عن إستقلال القضاء ويهتف بإستقلال القضاء ويشحذ كل قواه للهجوم على كل من يجرؤ على القول بأن القضاء منقوص الإستقلال..كانوا يكذبون على الناس وعلى أنفسهم وما أسوءه من كذب وغدت الأكاذيب هى كل منتهى صدقهم ..!! عندما إرتدينا أوشحتنا ووقفنا أمام نادى القضاة فى عام 2005 نطالب بإستقلال القضاء فى مواجة نظام مستبد على رأسه المخلوع حسنى مبارك وقفوا هم على الجانب الآخر..وقفوا يسخرون منّا ويقولون كيف لقضاة أن يحتجوا ..كيف لقضاة أن يعتصموا..كيف لقضاة أن يتمثلوا بطبقات الشعب ويحتجون مثلهم وكأن القضاة من طبفة أخرى غير طبقة الشعب..كيف لقضاة أن ينزلون من عليائهم من فوق منصاتهم إلى الميادين والشوارع..كانوا يكذبون للأسف..لأنهم كانوا يقفون على الحانب الآخر..كانوا يقفون مع الذين يتغنون بأزهى عصور الديمقراطية وإستقلال القضاء..كانوا يقفون مع الذين سرقوا البلاد والعباد..كانوا يقفون مع القابعين وراء السجون الأن والذين لا يراهم الناس إلا وراء القضبان. كانوا يقولون أن ظهور القاضى على وسائل الإعلام ينتقص من قدره..ويغضون الطرف عن الذين تلاعبوا بنتائج الإنتخابات والتى قُضى بطلان معظم نتائجها لكن سيد قراره كان يقف بالمرصاد أمام أحكام القضاء . هل تذكرون إنتخابات مجلس الشعب الأخيرة والتى تمت بدون إشراف قضائى أو بالأحرى بإستغلال قضائى وليس بإشراف قضائى..إمتلأت الصناديق منذ الصباح وتحت بصر وإشراف أمن الدولة..وكان دور القضاء فيها هو إعلان النتائج..إعلان النتائج فقط..هكذا إرتضينا أن يكون دورنا صورى هكذا إستخدمنا نظام حسنى مبارك فى تزوير إرادة الشعب ..هكذا أصبحنا أداة فى يد نظام كان أكثر ما يميزه هو الفساد بكل أشكاله. كانوا يسخرون منّا عندما كنا نقول أن إستقلال القضاء هو الضمانة الحقيقة لصون حريات الناس.. وأنه لايمكن أن تكون هناك حريات مصونة من غير إستقلال قضائى..كانوا يسخرون منّا عندما كنا نقول أن لا إستقلال قضائى مع حكم الطوارئ الذى يبقى دائماً عدواناً على الشرعية ..كانوا يقولون أننا نتحدث فى السياسة وأن القاضى لابد أن ينؤ بنفسه عن العمل بالسياسة..ولم يكن أبداً عملاً يالسياسة ولا حتى حديثاً فى السياسة . لم يكن أكثر من حديث عن الوطن وهموم الوطن. هل تذكرون آخر زيارة للمخلوع حسنى مبارك إلى دار القضاء العالى..هل تذكرون ما الذى حدث ..هل تذكرون كيف أًختير القضاة الذين شرفوا بتلك الزيارة وبتلك المقابلة.. !! هل تذكرون كيف تم إستقباله فى دار العدل..هل تذكرون من الذى جلس فى الصفوف الأمامية ينصتون فى خشوع ويصفقوق فى حماس .. للأسف كان يجلس هؤلاء الذين يتوارون وراء القضبان الحديدية عن أعين الناس..هل تذكرون الكلمة التى ألقاها رئيس المجلس الأعلى للقضاء و رئيس محكمة النقض الأسبق ..هل تذكرون كيف أفاض الرجل فى الهبات التى وهبنا إِياها المخلوع حسنى مبارك من عدالة وحرية وإستقرار وإستقلال قضائى ..لقد قال فيه مالم يقوله المتنبى فى سيف الدولة..هل تذكرون كيف وقف القضاة للمخلوع حسنى مبارك وهم الذين يقف الناس لهم إحتراماً وإجلالاً..هل تذكرون ذلك ..أى عدوان على القضاء هذا ..وكيف يطمئن المواطن العادى وهو يرى وزير الداخلية يتقدم الصفوف ويجلس فى مقدمتها يستمع إلى رئيس الجمهورية فى إحتفال يقيمه القضاة له وفى إحدى قاعات المحاكم ..أى تداخل بين السلطات هذا ..!! كيف قبلنا أن يحدث هذا ..ك !! كيف قبلنا أن تنتزع من أمامنا القضايا ونحن جهة القضاء الطبيعى و يُذهب بها إلى قضاءِ إستثنائى.. كيف قبلنا أن تشكل محاكم حتى فى القضاء العادى لا يطعن على أحكامها بالنفض..كيف قبلنا أن تختص بعض الدوائر للفصل فى قضايا بعينها كلها تحمل وجهة سياسية..كيف قبلنا أن يستهان بأحكام القضاء ولا تنفذ كافة الأحكام الصادرة بوقف إنتخابات مجلس الشعب الصادرة عن محاكم القضاء الإدارى وأوقفنا تنغيذها بمجرد تقديم إشكال فى التنفيذ أمام محكمة جزئية مدنية غير مختصة بوقف تنفيذ تلك الأحكام ..كيف قبلنا ألا تنفذ قرارات محاكم الجنايات المختصة يإلغاء قرارات الإعنقال الصادرة من وزير الداخلية تنفيذاً لقانون الطوارئ لعدم مبررات صدورها..كيف قبلنا أن تكون سلطات رجل الضبط القضائى فوق سلطات النيابة العامة وهى رئيسة الضبطية القضائية بموجب قانون الإجراءات الجنائية..كيف قبلنا ان تكون السلطات الواقعية التى بيد وزير الداخلية تفوق السلطات التى بيد النائب العام وهو الأمين على الدعوى الجنائية ..كيف قبلنا أن تكون سلطة تأديب القضاة فى يد وزير العدل وهو يتبع السلطة التنفيذية وأحد أعضائها … كيف قبلنا أن يكون راتب القاضى المادى بيد وزير المالية بما يمثله هذا من إهدار لإستقلاله تجاه السلطة التنفيذية ..كيف قبلنا كل هذا..!! عند قيام ثورة 25 يناير علت الحناجر بأن القضاة ينئون بأنفسهم عن المشاركة فى مظاهرات..والحمد لله أننى كنت أحد هؤلاء الذين لم ينئون بأنفسهم عن الإشتراك فى أشرف ما يمكن صناعته من أجل الوطن وعندما أقتلعت الثورة رأس النظام رأيناهم يتمسحون بها وكأنهم كانوا شراراتها وهم فى الحقيقة كانوا ينتظرون وءدها وكانوا يشحذون أسلحتهم فى مواجهة قضاة الإستقلال الذين وقفوا بجانب ثورة الشعب ومايزالون وإنتظرنا التغيير بعد الثورة لكنه لم يأتى بعد..تعطل مشروع قانون السلطة القضائية وأُجهض لأسباب واهنة..وعاد إلى أدراجه..وبقى كل فى موقعه لم يتغير أحد..وبقى التفتيش القضائى فى يد السلطة التنفيذية وبقى قانون الطوارئ وبقيت محاكم أمن الدولة طوارئ وبقيت المحاكمات العسكرية للمدنيين وكأن شيئاً لم يحدث ثم كانت الواقعة الأخيرة أو مايسمى بقضية التمويل الأجنبى هى القشة التى قسمت ظهر البعير.. لقد ظهر منها بجلاء أن النظام لم يتغير وأن القضاء بقى كما هو غير مستقل وأننا مازلنا نعبش عصر رئيس المفروض أنه خُلع وسقط نظامه لكن الأمر على مايبدو لم يصل بعد إلى القضاء فقد كانت المرة الوحيدة على ما أعتقد التى يعلن فيها قاضى على منصته وفى جلسة علنية أن ضغوطاً قد مُرست عليه وأن رئيس محكمة الإستئناف قد طلب منه التنحى عن نظر الدعوى على سند من أن نجل القاضى يعمل بمكتب محاماه له علاقة بالسفارة الأمريكية وهو مانفاه القاضى جملة مببراً إياه أن الأمر لو كان كذلك لتنحى هو وحده عن نظر القضية وبقيت منظورة أمام نفس الدائرة ثم بعد ذلك إِتضحت الأمور بأن ضغوطاً سياسية قد مُورست على القاضى كما ذكر هو من أجل إلغاء قرار منع المتهمين الأمركيين من السفر وهو ماحمل القاضى والدائرة على التنحى عن نظر القضية وتم إحالتها فى نفس اليوم إلى دائرة أخرى التى قررت إلفاء قرار منع المتهمين الأمركيين من السفر وفى ذات اليوم تحملهم طائرة عسكرية إلى خارج البلاد..!! هكذا يتم التعامل مع القضاء وبعد ثورة..ماذا تركنا لنظام حسنى مبارك الذى ندعى أو نتخيل أحياناً أنه سقط..!! لا أدرى ..!! ثم بعد ذلك تُفتح أوراق القضية وتظهر على السطح خلفياتها الحقيقية ..فقد حدث وتحديداً بتارخ 29 _ 2 _2012 وقبل صدور قرار المحكمة بإلفاء قرار منع المتهميين الأمريكيين من السفر أن صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية بإقتراب هذه القضية من الحل وفى ذات اليوم وعلى وسائل الإعلام تتم الإشارة إلى صدور قرار من جهة غير معلومة بإلغاء قرار منع المتهميين الأمريكيين من السفر وبعد ذلك يصرح رئيس محكمة إستئناف القاهرة إعلاميآ أيضاً بأنه طلب من رئيس الدائرة التى تنظر الدعوى التنحى عن نظرها..ما كل هذا..!! بل والأكثر والأخطر أيضاً أن واحدة من أهم الصحف الإسرائيلية تنشر فى وضوح بأن مبعوث إسرائيلى قد ساهم فى الإفراج عن المتهميين الأمريكيين وسفرهم إلى وطنهم على الرغم من تداول القضية أمام القضاء المصرى وعلى الرغم من التحفظ عليهم هم وغيرهم من المتهمين المصريين على ذمتها..ما كل هذا..!! وماذا تنتظرون بعد ذلك من الشعب..ماذا تنتظرون بعد ذلك من المواطن العادى الذى ليس له حصن بحتمى به سوى حصن العدالة..لماذا ننزعج أيها السادة وأنا أقولها وكلى ألم..عندما نسمع هتاف الشعب يريد تطهير القضاء .. !! ما الذى يعبث بتلك الصلة الوثيقة بين الشعب وقضاته ..من الذى يريد أن يفتك بتلك الثقة التى وضعها الشعب المصرى بين يدى قضاته..لماذا تقدم إلى القضاء أوراق تنقصها الأدلة..فيقضى فيها بتبرئة هؤلاء المتهمين بقتل الثوار العزل..من هو صاحب المصلحة فى أن يستبدل شعار إن فى مصر قضاة بشعار الشعب يريد تطهير القضاء..من صاحب المصلحة فى أهتزاز ثقة الناس فى أحكام القضاء..لماذا يصف الشعب محاكمة القرن كما يقال عليها بالتمثيلية وبكل أسف هناك أوصاف أخرى أعف عن ذكرها..لقد قلت من قبل أنه لا يوجد مايسمى بعدالة المناسبات..العدالة أيها السادة لاتعرف المناسبات..العدالة أيها السادة لاتعرف الإستثناءات..العدالة أيها السادة لاتفرق بين الناس على أساس الجنس أو على أساس الجنسية..العدالة أيها السادة لا تعرف المجاملات وإلا لم تصبح عدالة.. مسكينة أنتى أيتها العدالة وضعوا العصابة فوق عينيك رمزاً للتجرد وأمسكوك هذا الميزان رمزاً للعدل وأوقفوك تلك الوقفة الشامخة ثم طعنوك من الخلف فسالت دماؤك ومازالت تسيل..!! أقول للذين أهانوا القضاء..لكل الذين أهانوا القضاء..ستقتص العدالة منكم ..سيتطهر ثوبها النقى منكم..لن تكون لكم الغلبة أبداً..ستهزمون فى النهاية..وسيعلوا العدل فوق رؤسكم أنتم يا من طعنتوا العدالة من الخلف أقسم أنها ستقتص منكم ..وسيبقى فى مصر دوماً قضاة رغماً عنكم وسيبقى العدل سيف مسلط على رقاب الظالمين الفاسدين ولن يخذل قضاة مصر الشرفاء هذا الشعب الطيب الطاهر الذى وثق دوماً فى قضاته..سنقف لكم بالمرصاد حتى تذهبون إلى الأماكن التى تليق بكم..حيث الدرك الأسفل من صفحات التاريخ

0 التعليقات

إرسال تعليق